الخميس، 19 يناير 2012

المقامة النجدية



((بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ))
[واحر قلباه يا نجد]

إذا ذكرت نجد ، ثار الوجد، واستجاب المجد، يا نجد أنت مهبط وحي العربية، ومسقط رأس الشاعرية، على رحابك سفكت دماء المحبين، وسالت دموع المعجبين، وعلى بساطك رصعت جواهر البيان، وبسقت لآلي العرفان.



يا نجد أنت أرض الحب والغرام، والعشق والهيام، في رأسك ذاكرة الأيام، وفي صدرك مفكرة الأحلام، هنا ملاعب طسم وجديس، ومفاتن امرؤ القيس ، ومعاطن العيس،


هنا سحر القافية يلعب بالأذهان، هنا للشعر سوق ومهرجان، وللحب روض وبستان،


جدد التوحيد في نجد فصار غضاً طرياً، وولد الحب نجدياً، وعاش الدين بها أبدياً، وصار الوفاء بها سرمدياً،
لـنجد في قلبي منازل وخيام، وبيوت وأعلام، ولها في ذاكرتي صور وأفلام، ومشاهد وأحلام.
يا صاحبي على نجد قفا نبك، ومن هواها هلما نشتك، في نجد أم البنين الأربعة، و عامر بن صعصعة ، والمطعمون الجفنة المدعدعة، والضاربون الهام يوم الجمعة.
من نجد انطلق الموحدون، وأنشد فيها قيس بن ميمون ، وفيها عشق عروة بن حزام والمجنون.

في نجد الخزامي والشيح، والروض الفسيح، والشعر الفصيح، وشذا المسك تنشره الريح، نجد ثلاثة أحرف، نون، وجيم، ودال.



فالنون فنون، وشجون، وعيون، وفتون.

والجيم جلال، وجمال، وجهاد، وجلاد.

والدال دعوة، ودولة، ودليل ودوام، ودواء.
 
جاءتنا حمامة، من اليمامة ، فأخبرتنا أن مسيلمة ترك إسلامه، وعصى إمامه، فلبس خالد العمامة، وربط حزامه، وسل حسامه، ففصل من مسيلمة الهامة، ودق عظامه. فأهدت نجد المجدد، والموحد، والمسدد
.
في نجد محمد بن عبد الوهاب ، جدد للتوحيد الشباب، وألبسه أحسن الثياب، فجزاه الله أوفر الثواب، وفي نجد الموحد حصن الهمة الحريز، وناشر كتاب المجد الوجيز، الملك عبد العزيز ، وفي نجد الرجل المسدد الممتاز، الذي حوى كل فضل وحاز، 
من حنجرة نجد انطلقت في الظهيرة، صرخة ودع هريرة، ومن نجد أقبل الرجل المفضال، والداعية الرحال، ثمامة بن أثال . و نجد لا تقبل الرذيل، ولا تعشق الدخيل، ولذلك قتلت العميل، عامر بن الطفيل ؛ لأنه كذب بالتنزيل. 
من نجد هب جيش بكر بن وائل الشجعان، فهزموا صاحب الإيوان، كسرى أنوشروان . وسوف يهب من نجد بنو تميم، في جيش عظيم، لحرب الدجال الأثيم، كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (أشد أمتي على الدجال بنو تميم). 

من نجد هب عمرو بن كلثوم ، بسيفه المثلوم، على الملك الغشوم، عمرو بن هند الظلوم، ثم أرسل إلى الشعوب، قصيدته التي تعصف بالقلوب:




نجد
شعر عجب، كشعر امرئ القيس إذا ركب، و الأعشى إذا طرب، والنابغة إذا رهب، وزهير إذا رغب، و ابن كلثوم إذا غضب. شعر امرئ القيس كالخمر المعتق، تكاد القلوب منه تتشقق، والعروق تتفتق، والدموع تتدفق، فإذا سمعته فترفق.
وشعر الأعشى ، كالحمى، يتركك كالمغمى، أو كأنك أعمى، وهو من الغيث أهمى، ومن النجم أسمى. 

وشعر النابغة سحر حلال، يذهب عقول الرجال، وله روعة وجمال، وأبهة وكمال.
وشعر زهير كالماء الزلال، فيه صدق واعتدال، وحق وجلال، بعيد عن السخف والإملال. 

وشعر ابن كلثوم يسابق حسامه، كأنه بروق تهامة ؛ لأن صاحبه طالب زعامة، يريد العزة والكرامة.

لما كان الشعر في روابي نجد الخضراء، وفي فيافيها الفيحاء، كان آية في الحسن والنبل والبهاء. فلما دخل الشعر إلى القصور، وسكن الدور، خرج كأنه جلد ثور، لا يطبخ في القدور، ولا يهبط من النحور، يحتاج البيان إلى خيمة مضروبة،
ورابية منصوبة، وخضرة وخصوبة، لترى الأمثال المضروبة، والمعاني المرغوبة،
ولما صار القلم بجانب التلفاز، والعقل بجوار الجهاز، ذهب البيان والإعجاز، وغرب الإبداع والإنجاز.
والسلام على نجد التوحيد، ما تردد تغريد، وعذب نشيد، وطاب قصيد، وعاد وعيد، ورحمة الله عليكم أهل نجد إنه حميد مجيد


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق